الاغتسال من الحيض هو عملية دينية تُطهّر المرأة بعد انتهاء الدورة الشهرية، وله أهمية كبيرة في الدين الإسلامي. سنتناول في هذا المقال تعريف الغسل، وكيفية الاغتسال من الحيض، وأهمية الطهارة، وأوقات الغسل، وما يحرم على المرأة أثناء الحيض.
المحتويات
تعريف الغسل
الغسل لغةً يعني النظافة وإزالة الأوساخ، وإفاضة الماء على الجسد. [1] أما اصطلاحاً، فهو أن يعمّ الماء الطاهر البدن للطهارة بشروط وأركان مخصوصة. وقد شُرع الغسل في القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث قال تعالى: “وَلَا تَقْرُبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ” (البقرة: 222). [2] والغسل قد يكون واجباً في حالات معينة أو مستحباً في حالات أخرى. [3]
أنواع الغسل
الغسل ينقسم إلى نوعين رئيسيين:
الغسل الواجب
ويكون في خمسة أحوال:
- عند انقطاع الحيض أو النفاس.
- عند الإنزال بشهوة في اليقظة أو النوم من الرجل أو المرأة.
- في حال الجماع.
- عند دخول الكافر في دين الإسلام.
- عند موت المسلم؛ حيث يُغسّل بعد وفاته بالإجماع.
الغسل المستحب
ويكون في حالات مثل:
- يوم الجمعة.
- يوم عيد الفطر وعيد الأضحى.
- لمن غسّل ميتاً.
- عند الإحرام وعند دخول مكة المكرمة.
- عند الوقوف بعرفة في الحج. [4]
كيفية الاغتسال من الحيض
الغسل ينقسم إلى نوعين: غسل مجزئ واجب وغسل كامل مستحب.
الغسل المجزئ الواجب
الغسل المجزئ الواجب يتكون من ركنين رئيسيين:
- النية: النية بالقلب للتطهر من الحدث الأكبر (الحيض، النفاس، الجنابة).
- إفاضة الماء على جميع البدن: يجب إفاضة الماء على كامل الجسم مرة واحدة، مع التأكد من وصول الماء إلى جميع الأعضاء، خاصة الأماكن التي يصعب وصول الماء إليها كباطن الركبتين وأسفل الإبطين.
الغسل الكامل المستحب
الغسل الكامل المستحب يتضمن خطوات تفصيلية تضمن طهارة كاملة وشاملة:
- النية: النية بالقلب للتطهر من الحدث الأكبر.
- التسمية: قول “بسم الله الرحمن الرحيم”.
- غسل اليدين: غسل اليدين ثلاث مرات إلى الرسغين.
- غسل الفرج: إزالة الأذى وغسل موضع النجاسة.
- الوضوء: وضوء كامل كوضوء الصلاة، مع إمكانية تأخير غسل القدمين إلى نهاية الاغتسال.
- غسل الرأس: صب الماء على الرأس ثلاث مرات مع تدليك الشعر جيداً لضمان وصول الماء إلى فروة الرأس.
- غسل الجسد: صب الماء على كامل الجسم، بدءاً من الشق الأيمن ثم الأيسر، مع تدليك الجسم لضمان وصول الماء لجميع الأعضاء.
تفاصيل الغسل الكامل
للتأكيد على الغسل الكامل والمستحب، يمكن اتباع الخطوات التالية بالتفصيل:
- النية: ينوي المسلم بقلبه الطهارة من الحدث.
- التسمية: يسمّي الله بقول “بسم الله الرحمن الرحيم”.
- غسل اليدين: يغسل يديه ثلاث مرات.
- غسل موضع النجاسة: يغسل موضع النجاسة ويزيلها.
- تنظيف اليدين: ينظف يديه بالصابون ويغسلها بعد إزالة النجاسة.
- الوضوء: يتوضأ وضوءاً كاملاً كوضوء الصلاة، ومن الممكن تأخير غسل القدمين إلى نهاية الاغتسال.
- غسل الرأس: يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات مع تدليك رأسه حتى يصل الماء إلى أصول الشعر.
- غسل الجسد: يفيض الماء على كامل بدنه، فيبدأ من الشق الأيمن ثم الأيسر، مع تدليك الجسم لضمان وصول الماء إلى جميع المناطق، خاصة في الأماكن التي يصعب وصول الماء إليها مباشرة، مثل السرة، وأسفل الإبط، وباطن الركبة، وأصابع القدمين، وداخل الأذنين.
أهمية الطهارة من الحدث
الطهارة في الإسلام لها شأن عظيم، فهي أمرٌ إلهي ويحبها الله. قال تعالى: “إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ” (البقرة: 222). [2] الطهارة تشمل نوعين:
- زوال النجاسة: سواء كانت في الثوب، المكان، أو البدن.
- الطهارة من الحدث: بالوضوء أو الغُسل. الطهارة هي شرط لصحة الصلاة والعديد من العبادات الأخرى كالطواف.
الطهارة تحمي الإنسان من الأمراض، وتُعتبر نصف الإيمان، مما يدل على أهميتها الكبيرة.
متى تغتسل الحائض
تُعرف نهاية الحيض بحالتين:
- الجفاف: وضع شيء في فرج المرأة ليُعلم جفاف الدم.
- القَصّة البيضاء: خروج ماء أبيض من الرحم بعد انقطاع دم الحيض.
ليس هناك حد أدنى أو أقصى للحيض، فمتى رأت المرأة الطهر، وجب عليها الاغتسال.
ما يحرم على الحائض
خلال فترة الحيض، تُحرم على المرأة عدة أمور:
- الصلاة: سواء الفرض أو النافلة.
- الصوم: ويجب عليها قضاء ما فاتها من صيام.
- الطواف بالكعبة: لا يجوز إلا بعد الطهارة.
- الجماع: قال تعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ” (البقرة: 222) [2].
فوائد الغسل والطهارة في الإسلام
- النظافة الشخصية: تحافظ على صحة البدن وتقي من الأمراض.
- الراحة النفسية: تعزز الشعور بالراحة والنقاء.
- التقرب إلى الله: تحقيق الطهارة الجسدية يعزز الطهارة الروحية والقلبية.
الاغتسال من الحيض هو جزء مهم من العبادة في الإسلام، ويؤكد على أهمية النظافة والطهارة في حياة المسلم. من الضروري الالتزام بالطريقة الصحيحة للغسل لضمان القبول الديني وللمحافظة على الصحة والنظافة الشخصية.
باتباع هذه الإرشادات، يمكن للمرأة أن تشعر بالطهارة والراحة النفسية بعد فترة الحيض، مما يعزز إيمانها ويجعلها مستعدة لأداء عباداتها بطهارة ونقاء.
نصائح إضافية للاغتسال
- تجنب استخدام المياه الباردة جدًا: لأن ذلك قد يتسبب في عدم الراحة أو التأثير على الصحة.
- استخدام الصابون المناسب: يفضل استخدام الصابون الطبيعي الخالي من المواد الكيميائية القاسية.
- تجفيف الجسم جيدًا بعد الاغتسال: للتأكد من إزالة أي بقايا للماء وتجفيف المناطق الحساسة بعناية.
الأحاديث المتعلقة بالغسل
روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل من الجنابة كما يلي: “كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَغْسِلُ شَعَرَهُ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَيْهِ الْمَاءَ” (رواه البخاري).
الخلاصة
تُعد الطهارة من الأمور الأساسية في حياة المسلم، وهي تعبير عن الامتثال لأوامر الله والحرص على النقاء الروحي والجسدي. باتباع الإرشادات الصحيحة للاغتسال من الحيض، يمكن للمرأة المسلمة أن تحافظ على طهارتها وتؤدي عباداتها براحة وثقة.
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى غسل في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 222.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت (1404-1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 194-195، جزء 31. بتصرّف.
- ↑ سيد سابق (1977م)، فقه السنة (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 46-72، جزء 1. بتصرّف.